مصــــدر ألهــــــــــام الشعـــــــــــراء
1- المرأة :هي الشمس ضياءً وهي القمر حسناً وهي النجم تلألأً وهي الغصن ليناً وهي النسيم رقةً ... إن ابتسمت فثناياها شعاعٌ سطع في الغيم.. وإن خجلت فخدودها ورودٌ محمرة .. وإن نظرت فنظرتها سهمٌ قاتل يخترق القلب فيمزقه و... و... وغيرها من تشبيهات للشعراء كثيرة ولامجال لحصرها هنا ، فكل مايعنيننا هو الإرتباط الوثيق بين المرأة وظهور الشعر ، ولاأبالغ إن قلت لولاها مانظم الشعراء الشعر ولاقالوا القصائد ، وإن كان هذا القول مجرد رؤيةٍ شخصية ووجهة نظر لاأكثر ولاأقل ، إلاّ أني أستند لبعض الأدلة التي تدعم وجهة نظري هذه ،،، تعالوا معي إلى بداية نشأة الشعر وظهوره منذ الوهلة الأولى بغض النظر عما طرأ على الشعر بعد ذلك من تطور في الشكل والمضمون إلا أننا نجد بروز المرأة في القصائد الشعرية منذ الإنطلاقة الأولى ، وإذا كان الباحثون قد أكدوا أنه لم يصلنا شيء من الشعر في نشأته الأولى ، ومستويات كثيرة سبقت ماوصلنا من شعر رفيع لقرن ونصف قبل الإسلام ، جُلّه لايخلو من مقدمةٍ طلليةٍ غزلية هو ما رسخ إعتقادي أنَّ أول ماقيل من الشعر قد يكون في المرأة ،، لا أستبعدها أن تكون قصائد مستقلة ربما تلاشت شيئاً فشيئاً مع مظاهر الحياة الإجتماعية والطبيعية والسياسية إلى أن أصبحت بضع أبيات في بداية قصيدة متعددة الأغراض ، ولما لا يكون تسلسل تلك الأغراض في القصيدة الواحدة دليلاً لتسلسلها زمنياً ؟! لو صح هذا ، يعني أن المرأة كانت أول غرض شعري يقال ،،، وافتراضا" أن ماقلته آنفا" لم يكن صائبا" فما الدافع لامرئ القيس أن يبتدأ معلقته بمحبوبته تلك سوى أنها شكلت جزء" مهما" في حياته وعاطفة" عاش معها ولها ، وامتزجت أفكاره بها ، لترحل وقد جعلت منه شاعرا" وتركت أثرها في وجدانه ، لتعود إلى مخيلته كلما نظم شعرا" في وصف جواد أوغيره كما هو حال معلقته إذ تبرز تلك الإنسانة في مطلعها حين يقول :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
كأني غداة البين يوم تحملوا
لدى سمرات الحي ناقف حنضل .وكما تركت محبوبة إمرئ القيس أثرها في حياته الشعرية فقد تركت أخريات آثارهن في شعراء آخرين ، فهذا عنترة بن شداد يعود من أرض المعركة ويدخل الديار التي خصها بديار عبلة ابنة عمه بادئا" معلقته بها مخبرا" عن شجاعته وإقدامه وكأنه لايعنيه شيء سوى عبلة فيقول:
هل غادر الشعراء من متردم
أم هل عرفت الدار بعد توهم
يادار عبلة بالجواء تكلمي
وعمي صباحا" دار عبلة واسلمي .ومايبعث على الدهشة والإستغراب أن يصل حد تأثير المرأة وسيطرتها على تفكير الشاعر حتى وسط المعركة حين نرى عنترة يقاتل الأعداء وهو يتخيلها ويرى لمعان وبريق السيوف كبريق ثغرها حين تبتسم فيقول:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل
مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المتبسم .
ولاتجد قصيدة شعرية ولامعلقة لأولئك الشعراء الا ومطلعها مرأة ، إمابكاء عليها أوتغزلا" فيها ،، حتى في العصر الإسلامي ظلت المرأة تهيمن على أفكار الشعراء وتتصدر مطلع قصائدهم دون حرج ، ولم يمنع الإسلام ذاك السلوك أو يكبح تلك المشاعر المتمثلة في المقدمات الطللية ، وكأنه قد راعى نفوس الشعراء الذين أصبحت المرأة عنصرا" مهما" في أدبهم ، فهاهو كعب بن زهير يأتي معتذرا" لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول بين يديه:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم إثرها لم يفد مكبول
وماسعاد غداة البين إذ رحلوا
إلاأغن غضيض الطرف محول .
ويعجب رسول الله بهذه القصيدة ويصل حد الإعجاب أن يهدي بردته جائزة لكعب ،،، وتستمر المرأة في خيال الشعراء حتى اليوم وإن أصبحت غرضا" مستقلا" بحد ذاته ، إلا أنها الباعث الحقيقي لقول الشعر ...
أخيرا" إذا كانت المرأة ضعيفة وعيونها قاتلة عند جرير حين قال:
إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذي اللب حتى لا حراك له
وهن أضعف خلق الله إنسانا .
إلا أنني أجدها قوية قد أحيت أدبا" رائعا" نتذوقه حتى اللحظة .
كاتب الموضوع / عبدالسلام مرشد علي المعجلي
المصدر : http://shabab-alssarah.ahlamontada.com/t29-topic
2- البحر :
أمواج متلاطمة، وسواحل مترامية، وأسرار غامضة، وصوت لا يهدأ، فيه الكثير من الأسرار والغموض، فيه العديد من الثروات، قيل عنه الكثير من القصص والعبر والأشعار.. ولكل منا الحق في النظر إليه والتأمل في جماله الخلاب.. لقد ذكره الكثير من الشعراء في أشعارهم وتحدثوا عن مخاطره وأمواجه وجماله كما يقول الشاعر محمد سعيد الذويبي في هذه الأبيات التي لونها بأجمل الألوان وأحلى المعادن والصور التي أجاد في تصويرها بكل براعة وإتقان بإحساس الشاعر الموهوب الفنان:
يا مل قلبٍ خاف من كثر ما شاف شاف البحور.. وشاف لجات ماها
شاف المراكب تحت ضي الكواكب
تمشي رويداً يغمر الما سناها
يعكس عليها النور والبدر مشهور
في ليلة أربع طعش حين أعتلاها
والجو صافي ما عليه إختلافي
إلا شماليةٍ لطيف هواها
فالبحر.. رمز يحمل في داخله الكثير من المعاني والعبر والصور الشعرية الجميلة، فقد شبه البحر تارة رمزاً للخير والرزق، وتارة للشر والشقاء، والبحر يحكي لنا قصة اللقاء والفراق والهموم والأحزان، وإبداعات الشعراء في الماضي والحاضر، ونتأمل دائماً على ضفافه ما كان يعانيه الآباء والأجداد من كفاح مستمر وتعرضهم للأخطار في عملية الغوص وكيف تمكنوا من ذلك في ماضي السنين بالرغم من عدم وجود التقنيات الحديثة فقد ساعدهم صبرهم وكفاحهم الظفر بالجواهر الثمينة والنادرة مثل اللؤلؤ والمرجان وغيره من الثروات الثمينة من داخل أعماق البحار.. ويصف لنا الشاعر دخيل اللّه العقيلي هذه المعاناة بقوله:
الغوص ما لي به وباصير جمال
حتى ولو كثرت علي الرزايا
اتعبت رجليني بالاقفا والاقبال
الرزق عند اللّه جزيل العطايا
الصدر ضايق والسبب قلة المال
والربع شدو والركايب ونايا
ويعد البحر من المناطق الطبيعية التي تبرز بوضوح في قصائد الشعراء، وتشعرك بالسرور والراحة والهدوء وهذه حكمة الرب عزّ وجل فللبحر أهمية عظيمة جداً في حياة الناس وخاصة الشعراء الذين يقفون على ضفافه ويناجونه ويبيحون له بأسرارهم أو يحنون إلى نسيمه أو يمدحون كريما بوصفه أو يدخلون في أجوائه ويستمتعون بمشاهدة تلاطم أمواجه الهادئة ولذلك نجد ذكر البحر في معظم قصائد الشعراء وما أبدعته ألسنتهم من معان جميلة وعبارات أنيقة مليئة بالحنين والولع والوصف والخيال وبقايا الذاكرة كما يقول الشاعر عبداللّه العضياني:
يابحر ياللي تلتطم فيك الأمواج
وش حيلتك فاللي تعكر مزاجه
يا بحر جيتك من همومي والإزعاج
لقيت نفسي وسط موج وعجاجه
دقت هجوس القلب من كل منهاج
وقلبٍ طرى طاريه وشهو خراجه
تلعب بي هجوسي على كل مدراج
وإلها على نبض الخفوق إندراجه
وعلى ضفاف الكلمة الشعرية الجميلة نبحر مع هذه الأبيات التي نسجت بعبارات الألم والحسرة، والأحاسيس الدافئة للشاعرة ولاء عواد مخاطبة البحر:
أبشتكي لك يا بحر مرّ شكواي
وإن كنت صادق ردلي ما شكيته
أبشتكي همي وحزني وبلواي
وإن جف دمعي من عيونك سقيته
أبشتكي مري وظيمي ودنياي
وجرحٍ كبيرٍ في حياتي خفيته
وإذا تمعنا النظر على حياة البحر نجد أنها حياة زاخرة بالنشاط وكسب الرزق والجد والكرب فهي حياة تحوفها المخاطر والمشاق من جميع الجوانب.. ولأن البحر مصدر خوف وقلق وعدو فقد وصفه بعض الشعراء بصفة الغدر كما أن البعض الآخر منهم لا يستطيعون الابتعاد عنه فهم يشبهونه بالأحباب والأصحاب الأوفياء فمنذ القدم وحتى وقتنا الحاضر نلمس مدى علاقة الشعراء وارتباطهم القوي بالبحر وذكره في قصائدهم الشعرية ومناجاتهم وسؤالهم له عن الأحباب بالكلمات النابعة من الأعماق والمملوءة بالشجن والأحاسيس الحزينة وفي هذا الشأن يقول الشاعر دحام الهذال:
يا بحر أحبك والنواخذ يظنون
الغدر طبعك والوفا من خصالك
على شواطيك البحرية لي فنون
ولي ذكريات تحتضنها رمالك
وحزني مثل موجك لبيب ومجنون
وده يهاجر في مجرة خيالك
أحتاج أشوفك كل ما صرت محزون
وأشد عزمي يوم أشاهد نضالك
ما لي سواك أحباب وأصحاب يوفون
دام أنت ملكي فاعتبرني حلالك
إعداد: بكر هذال
المصدر : http://www.alriyadh.com/137075
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق